وفى كل ركن وزاوية بالبناء عمود . يحمل نصيبه من الحمل الثقيل صامتا . يحمل عن من حوله ثم يتوارى وسط الحوائط خلف الدهان . كأنه جزء من الحائط . ينسى الناس فى زحمة الألوان أن هنا عنصرا متميزا . صاحب مهام خاصة وصفات خاصة لا يراه أحد ولا يعرف مكانه أحد . ليس مقبولا منه إلا أن يكون مستقيما .. فهو عمود ليس مقبولا منه إلا أن يكون صلبا . فهو مسئول يتحمل الجميع .
ليس مقبولا منه إلا أن يكون متزنا ومعتدلا .... فباتزانه واعتداله يكون الأمان . وإن مال حل الموت والدمار . . يقف فى مكانه المحدد تماما لينقل الحمل لأخيه الذى تحته كاملا كأنها أمانة .. . يقف وسط الطوب الأصغر منه والأضعف منه محاذيا فى تواضع الكبار لا يفاخر بنفسه ولا يباهى . . يتذكره الناس فقط حين يهم أحدهم بدق مسمار فى الجدار .. فيمر هنا . ويندق هنا . ويخترق هنا . وهنا ينكسر المسمار .. عندها فقط يتذكر الناس أن هنا عمود . . هذا زمان قلت فيه الناس الأعمدة المستقيمة .
المعتدلة والمتزنة .
المتواضعة قليلة الضجيج والتى لا يعرف مكانها والتى يصعب عندها الإختراق .
لكنها تتحمل الجميع وتحمى الجميع بلا تفرقة ولا ضجر ولا محاباة .